الصبر مهم .. والعمل أهم

السلام وعليكم

حين تقرأ قصص المشاهير الناجحين في عالم السياسة والمال على سبيل المثال
تُفاجأ أنها بدأت ببساطة لا تصدق
ببساطة تجعلك تشك بينك وبين نفسك
أن ما تسمعه من عوامل ليست هي وحدها التي توافرت حينذاك لدى هذا الشخص أو ذاك
وأسهمت في نجاحه اللافت
بل الذي يتراءى لك أكثر أن ثمة ما يحتفظ به الشخص الناجح الماثل أمامك
من عوامل مهمة كان لها الفضل الأكبر في مساعدته على صعوده السريع
لكنه فضَّل حجبها عنك ولم يذكرها لأسباب قد تكون خاصة
بيد أنك تكتشف في آخر النهار صدقيَّة الشخص في سرده لعوامل نجاحه كلها
ومفاصل رحلته المثيرة على أي حال
شأنها في ذلك شأن أي رحلة بالنسبة لبطلها
وتقتنع أن ليس بالضرورة أن تأتي رحلة الشخص الناجح وفقاً لتوقعاتك
التي إختلط فيها الكثير من الخيال بالقليل من الواقعية
وأنك لم تضع ربما في حسابك احتمالاً مهما هو أن المناخ العام لتلك الفترة
التي انطلق فيها ومنها الشخص الناجح
لم تستطع أنت تخيلها بالشكل الصحيح
أو أنك أغفلت فيها معطيات مهمة
إذا ما اجتمعت مع بعضها بعضا فستخلق فرصة ذهبية للمترصد النبيه
المتمتع بالإرادة والمفعم بالطموح وبعض الأحلام

وليس هذا فحسب
بل إنك لا تنفك وأنت الذي تريد النجاح ولو لمرة جيدة
لا تنفك تفكر بالطريقة الصعبة إياها التي تخيلت بها قصة ذلك الشخص الناجح
ولم تتخل عنها في محاولتك لبناء مستقبلك الناشب كما يتهيأ لك
في غابات شوكيَّة مبعثرة ونائية عن بعضها بعضا
وقد تأخذ منك العمر كله لاستعادة هذا المستقبل
سالما كله أو جانبا منه لا فرق

“سهِّل .. سهِّل”
بالكاد أستطيع نسيان هاتين الكلمتين اللتين كان يرددهما على مسمعي
رجل مسن دافئ وحكيم استحضره من غيابه بين فترة وأخرى
إن التسهيل فلسفة قلما يدركها جيلنا
وتتمثل في محاولة النظر إلى الأمور من الزاوية القريبة منك
وليس من الزاوية البعيدة من الزاوية السهلة لا من الزاوية الصعبة
وأن تسهِّل فمعنى ذلك أن تُبعد عن ذهنك عملية “التوعير” اللاإرادية
إن جاز لنا التركيب هنا
ولستَ مطالبا أمام أي مشكلة أو موضوع بالدخول عليه أو إليه من الزاوية البعيدة الصعبة أو الوعرة
إنما الزاوية القريبة هي نفسها الكفيلة بالأمرين معا
فإما أن تحل منها المشكلة وتنتهي المسألة على هواك
وإما أن تقوم الزاوية نفسها بتوعير الموضوع وجعله مشكلة قائمة
لكونه هو نفسه مشكلة في الأساس
وليس موضوعا عاديا يمتلك قابليات تحوله
عند التحريك إلى مشكلة أو أزمة

يبدو أن الزاوية القريبة التي نتحدث عنها
هي ما اتخذها الناجحون أسلوبا للتعامل مع شؤون كثيرة صادفتهم في حياتهم
لكنها بالتأكيد ليست كل شيء
المشهد ليس كما قد نتخيله نحن الذين نزعم القدرة على تغيير العالم
ولا يستطيع أحدنا أن يغير نفسه وعاداته السيئة إلى الأفضل
فهناك أشخاص ناجحون مائة بالمائة وهم لم يتوغلوا في الثقافة كثيرا
وليسوا على ذلك القدر الكبير من التعليم
ولا يتطيرون من الأمور متى وقعت لهم أو في المحيط من حولهم
لكنهم بالمقابل يتمتعون بثقة عالية بالنفس
ولديهم قناعة أن ما يمكنهم الوصول إليه سيصلون إليه يوما قريبا كان أم بعيدا
شريطة أن يركبوا له طريق العمل الدؤوب والمنتظم
وألا يملوا من “العكوسات” متى طرأت
وألا يتخلوا عن الصبر وإن كان مراً أحيانا

إن الصبر هو العامل الوحيد
والمشترك العام بين هؤلاء الناجحين جميعا
وفي شتى المجالات

تحياتي